التربية هي عصب المجتمع ، وهي الأداة التي تقيس مدى تقدم ، ورقي المجتمع ، والمقصود هنا ليس التربية بمعناها الضيق أي غرس الأخلاق ، والقيم فقط في أفراد المجتمع ، ولكن المقصود هو التربية بمعناها الواسع أي غرس الأخلاق والفضيلة ، وتخريج أجيال مثقفة ، وقادة يتولون أمر الأمة لاحقاً ، ويتمتعون باللياقة الجسمانية ... إلخ .
أدركت الشعوب الأولى هذا المعنى ، وأسست نظم تربوية متكاملة ، وعند قدوم الإسلام أكد على أهمية التربية ودورها البارز ، ووضع المبادئ التوجيهية التي يجب اتباعها في هذا المجال ، كما اهتم الباحثون ، والعلماء بها ، ولم يكتفوا بجعلها مجرد فرع من أحد أنواع العلوم ، ولكنهم جعلوها علماً مستقلاً ، وقائماً بذاته .
نشأ بعد ذلك ما يسمى بالإدارة التربوية التي استقلت هي الأخرى عن باقي أنواع النظم الإدارية المختلفة ، وذلك نظراً لتشعبها ، وارتباطها بعلوم أخرى غير العلم الإداري والتربوي ، كعلم النفس وعلم الاجتماع ، وقد أدى هذا الاستقلال إلى إبداع الباحثين في هذا المجال فوضعت النظريات التربوية المختلفة ، والأسس التي تحكم العلاقة بين العاملين في المؤسسة التربوية ، وبعضهم ، وبين المؤسسة نفسها ، والمؤسسات الأخرى ، ودعا ذلك إلى ضرورة فهم ، وتحديد دور مدير المؤسسة التربوية ، وما يجب أن يتوافر فيه من صفات شخصية تؤهله للقيادة ، وهو ما قادنا إلى الحديث عن القائد بوجه عام ، والنظريات التي وضعت لتفسير ظاهرة القيادة .