إن المفهوم السائد للمنهج الرسمي ، يعني وثيقة المنهج الرسمي المقررة من وزارة التعليم ،و هذه الوثيقة تتضمن الأهداف العامة ، والمحتوى المعرفي ، والأساليب والأنشطة ، وأساليب التقويم، لكن مقابل ذلك قد يتعلم الطلاب قدراً كبيراً من المعلومات ، والمهارات ، والاتجاهات والقيم من مصادر غير المنهج الرسمي ، وهو ما يعرف بالمنهج الخفي ( Hidden curriculum ( ، الذي يعد موازيا للتحصيل الاكاديمي الرسمي للطلاب ، وقد اشارت (نجوى ، 2006م) الى أن المنهج الخفي تحصيل ثانيا موازيا للتحصيل الرسمي ، وهو يضم كافة المعارف والأنشطة والخبرات التي يتعلمها الطلاب خارج المنهج الرسمي ، ودون أشراف المعلم .
من هنا ظهرت العلاقة بين المنهج الرسمي ، والمنهج الخفي فالمنهج الخفي يرتبط بعملية التعلم المصاحب، وتأثيره اكبر من المنهج الرسمي ،وقال ايفان التشن بهذا الشأن " أن أي منهاج مدرسي بالغا ما بلغ من الثراء والملاءمة لا يؤثر في حياة الأطفال كما يفعل المنهاج الخفي للمدرسة " (الهاشمي ، والغزاوي ، 2002م ، ص27 )
فقد لاحظت الباحثة من خلال اطلاعها على عدد من الأبحاث العربية والأجنبية في المنهج الخفي ، وبما لوحظ في الميدان التعليمي ، أن المنهج الخفي كل "ما يتعلمه المتعلم من أسرته ، واقرانه ، والمحيطين به بالملاحظة والمحاكاة ، والتقليد ، والنموذج ، وقد تكون هذه الخبرات إيجابية أو سلبية . لذلك سلوكيات المعلم ، وأعضاء المدرسة ، وطبيعة التعاملات داخل المدرسة والأنشطة المدرسية ..وغيرها تدخل ضمن خبرات المنهج الخفي " (زبيدة ، 2016م ، ص9) . ووفق تلك الرؤية يتضح لنا ، أن هناك عدد من العوامل تدخل في تكوين اهداف المنهج الخفي وتأثيره على الطلاب ، حيث اكد (الخطيب ، 2008م)على تأثير العوامل الخارجية والمدرسية ، وكان من ضمن هذه العوامل المعلم ، ونستنتج من ذلك أن لذات المعلم ، و افكاره واتجاهاته تأثير على الطلاب خاصة في المراحل المتقدمة ( المرحلة الثانوية ) .
مثال على ذلك عندما يشرح المعلم قيمة الانتماء للوطن ، والتضحية في سبيله ثم يردد ويفعل بعض الأشياء التي تتنافى مع ما يحاول أن يغرسه ، أيضا عندما يكافئ المعلم الطلاب بالدرجات على تمرين منجز لا يعد قياسا اكاديميا فقط ، أنما قد يكون درسا أخلاقيا بدون قصد في أهمية تحمل المسؤولية ، او توجيه العمل التعاوني مع الاقران او توجيه سلوك غير مرغوب فيه كالتسرب ، أو الهروب من المدرسة أو الاعتراض على قرارات المعلم ( الفتلاوي ، وهلالي ، 2005م )
مما سبق يتضح أن سلوك المعلم واتجاهاته وقيمه وافكاره قد تنمي عقول الطلاب ، او تتسبب ف اغلاق العقول وذهاب الطلاب الي طريق غير المرغوب فيه ، عندما يزود المعلم الطالب بقيم التسامح ومحاربة العنف واحترام الثقافات، مع نبذ التميز العنصري ، عندها سيمد طلابنا بقيم لمواجهة كل التحديات في مواقع التواصل الاجتماعي أو في مواجهة تغيرات العصر المتسارعة .
هنا تتشكل مشكلة البحث في مدي أثر أفكار المعلم وسلوكه كجزء من المنهج الخفي على الطلاب ، وعليه فأن من الضروري مطابقة أفعال المعلم بأقواله ، كتعليم الطالب من خلال المنهج الرسمي ضرورة احترام الوقت و تجنب الكذب ، وغيرها من القيم والسلوكيات . بالإضافة الى الكثير من السلوكيات الإيجابية التي يمكن تنميتها كالعمل التعاوني ، احترام الأنظمة والقوانين ، المحافظة على الأملاك العامة ، الترتيب والنظام وغيرها .
ويتضح لنا من ذلك " أن يدرك المعلمون أهمية المناهج الخفية وتأثيرها ، وقتها سيستعرضون مواقفهم الشخصي مع طلابهم في داخل الصف الدراسي ، بالإضافة الى أنه يمكن للمعلمين استخدام المنهج الخفي في تعليمهم كاستراتيجية او طريقة لإرسال معلومة معينه الى الطالب من خلال هذه الطرق " (جريلد ، 2006م )
وقد كانت هذه الدراسة لمحاولة الكشف عن أفكار المعلم وسلوكه كجزء من المنهج الخفي على الطالب في المرحلة الثانوية بما يتعلق ( بقيمة التسامح ومحاربة العنف ، قيمة احترام الثقافات ، وقيم المواطنة ، قيم تقدير الوقت ، وقيم احترام النظام وغيرها من القيم والمعارف المكتسبة ) ومدى تأثيرها على الطالب في المرحلة الثانوية .