قبل بدء الحديث عن وظائف علم الإحصاء، نتعرف على علم الإحصاء من مفهوم عام، فعلم الإحصاء أو Statistics بالإنجليزية قد يُصنف كفرع من فروع علم الرياضيات، وهو يعتمد على البيانات المتغيرة المختلفة فيقوم بجمع تلك البيانات بطرق مبسطة تساهم في التعامل معها.
وعلم الإحصاء يعتبر من أهم العلوم التطبيقية المساهمة في علوم مختلفة أخرى مثل الفيزياء والكيمياء والسياسة والاقتصاد، كما ساهم أيضًا في العديد من الأبحاث عن طريق تقديم أساليب وطرق سهلة لتجميع البيانات ووصفها وتفسيرها.
* طرق تطبيق علم الإحصاء
مما قد يساعدنا في التعرف على وظائف علم الإحصاء وفهمها هو معرفة كيف تستخدم البيانات المراد العمل عليها، فأولاً هناك ما يعرف بالمجتمع الإحصائي الذي نستخرج منه العينات المراد إجراء الدراسات عليها ثم تحديد وحدة الاستعيان وهي موضوع الدراسة.
وبعد تجميع تلك الوحدات ومعاينتها وملاحظة المتغيرات والبيانات يقوم الباحث برسم تلك البيانات فيما يعرف بالإحصاء الوصفي، ودمجها ليستطيع تطبيق النظريات الإحصائية واختبار الفرضيات، فيتمكن الباحث من القيام بتنبؤات متعلقة بمجال الدراسة وممارسة الإحصاء التطبيقي.
* نظرية الإحصاء
في مقال وظائف علم الإحصاء نقول أنه تقوم نظرية الإحصاء على إنشاء مجتمع كامل من التقنيات عن طريق عمل دراسة لهذا المجتمع وتحليل بياناته، فيستدل الباحث على قرارات متعلقة بالمشكلة المدروسة، ويتم عمل بعض الإجراءات الرياضية والتفاعلات المتعلقة بمبادئ النظرية عليها.
* وظائف علم الإحصاء
إن علم الإحصاء له العديد من الوظائف التي تساهم في استخلاص حقائق تنبؤات عديدة متعلقة بموضوع الدراسة، ومن تلك الوظائف ما يلي:-
1- وظيفة العد والحصر
تعد تلك الوظيفة من أساسيات تطبيق علم الإحصاء الموجودة منذ العصور القديمة وظلت هي الوظيفة السائدة لمدة طويلة في التاريخ حتى أنه عُرف فقط بعلم العد والحصر، ولكن انحصرت تلك الوظيفة في أشياء صغيرة مثل حصر عدد رجال دولة ما وأسلحتها ومقارنته بدولة أخرى مما يساعد في قرارات الحروب أو عدد الأموال والمنتجات والمحاصيل في الدولة وما يتعلق بالنواحي الاقتصادية للدولة، وقد كان ذلك من أسباب عدم تطور هذه الوظيفة لفترة طويلة أو التوصل إلى غير ذلك من وظائف علم الإحصاء.
لكن نتيجة التقدم التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم الآن تطورت تلك الوظيفة الأساسية، فلم تظل مبنية على الحصر الكلاسيكي لمجالات صغيرة مثل التعداد السكاني أو الزراعي أو الاقتصادي في شكل عملية حصر إجمالي للأشياء وقيم الظواهر بل أصبح هناك مجال لجمع بيانات أكثر تفصيلاً في جميع المجالات، بما في ذلك مجالات مستحدثة، بطريقة مفيدة للتخطيط والتنمية الاقتصادية للبلاد اعتمادًا على نظرية الإحصاء في تفسير التغيرات وتوضيح العلاقات بين المتغيرات، فأصبح هناك حصر للقوى العاملة والتجارة الخارجية وحصر نقدي وحصر للدخل وغير ذلك من المجالات المتعلقة بالتقدم والتنمية.
2- وظيفة جمع البيانات
تعتبر تلك الوظيفة أيضًا من أقدم وظائف علم الإحصاء ومن أساسيات هذا العلم، وتعتمد تلك الوظيفة على أهمية وجود البيانات والمعلومات المتعلقة بالظاهرة والموارد المراد دراستها؛ لنتمكن من التفسير والتوصيل إلى حقائق تساعد على اتخاذ القرارات.
ويجب أن تقوم تلك الوظيفة على نظام علمي موضوعي غير متحيز؛ لنصل إلى حقائق سليمة منطقية تساعدنا في الحصول على نتائج منطقية سليمة تعزز من كفاءة القرارات المتخذة، وتعتمد على الأسلوب العيني حيث نقوم بأخذ عينة من واقع إحصائي شامل.
كغيرها من وظائف علم الإحصاء، استفادت تلك الوظيفة من التقدم والتطور الحالي للعالم، فأصبحت تتضمن أحدث وأحسن طرق جمع البيانات كما أن غرضها لم يعد مقتصرًا على تحديد قوة الدولة من عدة جوانب، بل امتدت لتتوصل إلى أدق الحقائق في مختلف الظواهر لتساهم في تخطيط وتنمية الدول في جميع القطاعات.
3- وظيفة التحليل البياني
إن هذه الوظيفة هي نقطة مهمة في تطور الوظائف، وقد جاء ذلك نتيجة التطور العام للعلم، فقد كانت وظائف العلم سطحية ومنحصرة في الوظيفتين السابقين، ولكن مع ذلك التطور تمكن العلم من تحديد كل الخصائص وكل ما هو متعلق بالظواهر المدروسة مثل العلاقات والاتجاهات العامة للظاهرة.
ترجع أهمية هذه الوظيفة من ضمن وظائف علم الإحصاء أيضًا في كون الرسم البياني طريقة سهلة مبسطة لفهم وتفسير وتحليل البيانات.
4- وظيفة التحليل الكمي
عُرفت تلك الوظيفة في القرن السابع عشر كنتيجة حتمية للتطور الهائل الذي حدث في العلوم المختلفة والتكنولوجيا، وتعتبر من أهم أسباب قوة وأهمية علم الإحصاء؛ لاعتمادها على الأسلوب الكمي في تحليل المعلومات مما عمل على تمحيص النتائج التي ساهمت في حسن اتخاذ القرارات.
تقوم هذه الوظيفة على استخدام المقاييس والمؤشرات بطريقة علمية وموضوعية للنظر في الحقائق ومعرفة أدق الخصائص وأسباب الحركة المستمرة لأهم الظواهر.
5- وظيفة وضع الفروض
من وظائف علم الإحصاء هي تلك الوظيفة، والغرض منها هو تبسيط المشاكل المراد دراستها عن طريق وضع الباحث لفروض متعلقة بما يتصوره ويشعره تجاه تلك المشكلة بطريقة منطقية.
من الأساليب المتبعة في تلك الوظيفة هو أسلوب استبعاد بعض المتغيرات أي افتراض أنها لا تؤثر على المشكلة المدروسة، ولكن يجب ألا نستبعد المتغيرات بكثرة حتى لا نفقد الحقيقة، ولذلك يجب أن يقوم الباحث بترتيب المتغيرات بناء على أهميتها بالنسبة لتلك المشكلة.
6- وظيفة الاختبارات الإحصائية
هي وظيفة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالوظيفة السابقة، فقبل اعتماد الباحث للفروض التي وضعها يجب أن يتأكد من صحتها، وهذا يتم عن طريق النظريات الإحصائية.
لكن في تلك الوظيفة كأحد وظائف علم الإحصاء، غالبًا ما يكون هذا الاختبار للفروض أصعب في مجال الدراسات الميدانية عما هو في مجال الدراسات المعملية؛ نتيجة وجود متغيرات مدنية يصعب قياسها أو تحديدها في الدراسات الميدانية، أما في الدراسات المعملية فيستطيع الباحث اختبار الفروض من القياسات والقراءات الناتجة عن التجارب المعملية.
7- وظيفة استخلاص النتائج
كان للتطور الوظيفي لعلم الإحصاء في القرن السابع عشر أثره الواضح على تطور النظريات المستخدمة واستخدام نظريات جديدة وتطبيقها الواسع في مختلف المجالات، مما فتح المجال للأسلوب العلمي ليصبح جزءًا من علم الإحصاء بكفاءة عالية في الوصول إلى نتائج موضوعية سليمة خالية من الأخطاء الناتجة عن استخدام الأسلوب العادي.
8- وظيفة اتخاذ القرارات
تعتبر تلك الوظيفة هي أهم وظائف علم الإحصاء وأساس العمل الإحصائي حاليًا وأصبحت هي الوظيفة الأهم التي يُعرف بها هذا العلم، فبالرغم من صعوبة اتخاذ القرارات نتيجة عدة عوامل إلا أن الأسلوب الإحصائي والنظريات المتطورة خاصة نظرية الاحتمالات والتوقع الرياضي ساهموا بدرجة كبيرة في تسهيل تلك الوظيفة والحد من الأخطاء الممكنة.
9- وظيفة التنبؤ الاستدلالي
يستطيع الباحث أن يعرف بشكل عام ما سيحدث في المستقبل للتغيرات التي تؤثر في ظاهرة ما عن طريق استخدام طرق القياس والتحليل الإحصائي.
التنبؤ الاستدلالي مرتبط بالماضي أكثر من كونه مرتبط بالمستقبل فهو يهدف إلى التأكيد على حدوث ظاهرة ما عن طريق الملاحظة واستخدام الأسلوب الإحصائي في تطبيق كل ما ذُكر من وظائف علم الإحصاء.
10- وظيفة البحث العلمي
بالنظر إلى الترتيب المنطقي لكل ما تم ذكره من وظائف، نجد أنها قد تصلح كأكثر الطرق دقة لتنفيذ أبحاث ودراسات علمية سواء كانت ميدانية أو معملية، وبذلك يكون العمل الإحصائي مناسب لكل من الأعمال الإحصائية والعلمية.
ومن كل ذلك نجد أن علم الإحصاء قد مر بالعديد من التطورات من كونه علم بسيط منحصر في وظائف متعددة إلى تطور وانفتاح وظائف الإحصاء بعد القرن السابع عشر حتى يصبح من أهم العلوم المساهمة في تيسير الأبحاث العلمية والدراسات المختلفة لشتى المجالات، وبذلك يكون قد ساهم هذا العلم بشكل كبير في الحياة وساهم في تطورها.