كيف يتم للباحثين التحقيق في العقل البشري والسلوك؟ في حين أن هناك عددًا من أساليب البحث المختلفة، فإن الطريقة التجريبية أو المنهج التجريبي في علم النفس تسمح للباحثين بالنظر في العلاقات بين السبب والنتيجة، وفي تلك الطريقة يتم تحديد وتعريف المتغيرات الرئيسية، وصياغة فرضية، والتعامل مع المتغيرات، وجمع البيانات حول النتائج، كما يتم التحكم بعناية في المتغيرات الخارجية لتقليل التأثير المحتمل على نتائج التجربة.
إلقاء نظرة فاحصة على الطريقة التجريبية أو المنهج التجريبي في علم النفس
تتضمن الطريقة التجريبية معالجة أحد المتغيرات لتحديد ما إذا كانت التغييرات في أحد المتغيرات تسبب تغيرات في متغير آخر، حبث تعتمد هذه الطريقة على الطرق الخاضعة للرقابة والتخصيص العشوائي ومعالجة المتغيرات لاختبار الفرضية.
وعادة ما يتم اعتبار الطريقة التجريبية أو المنهج التجريبي في علم النفس الأكثر علمية من بين جميع الطرق، وهي "طريقة الاختيار"، فالمشكلة الرئيسية في جميع الأساليب غير التجريبية هي عدم السيطرة على الموقف، والطريقة التجريبية هي وسيلة لمحاولة التغلب على هذه المشكلة، كما توصف التجربة في بعض الأحيان بأنها حجر الزاوية في علم النفس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الدور المركزي الذي تلعبه التجارب في العديد من العلوم الفيزيائية وأيضًا نظرًا لعلم النفس التاريخي عن نفسه كعلم، وقد يستخدم الباحثون قدر كبير من الأبحاث النفسية الطريقة التجريبية، لذا يمكن تعريف التجربة على أنها دراسة السبب والنتيجة، فهي تختلف عن الأساليب غير التجريبية لأنها تتضمن التلاعب المتعمد لمتغير واحد، مع محاولة إبقاء جميع المتغيرات الأخرى ثابتة.
هناك بعض الأنواع المختلفة من التجارب التي قد يختار الباحثون استخدامها، وقد يعتمد نوع التجربة المختارة على مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك المشاركين، والفرضية والموارد المتاحة للباحثين.
1- التجارب المعملية
التجارب المعملية شائعة جدًا في المنهج التجريبي في علم النفس، لأنها تتيح للمجربين مزيدًا من التحكم في المتغيرات، كما يمكن أن تكون هذه التجارب أسهل للباحثين الآخرين لتكرارها، والمشكلة بالطبع هنا تكمن في أن ما يحدث في المختبر لا يتطابق دائمًا مع ما يحدث في العالم الحقيقي.
2- التجارب الميدانية
في بعض الأحيان قد يختار الباحثون إجراء تجاربهم في هذا المجال، فعلى سبيل المثال دعونا نتخيل أن أخصائي علم النفس الاجتماعي مهتم بالبحث في السلوك الاجتماعي الإيجابي، وقد يكون لدى المجرب شخص يتظاهر بالإغماء ويلاحظ لمعرفة الوقت الذي يستغرقه المتفرجون للرد، كما يمكن أن يكون هذا النوع من التجربة طريقة رائعة لرؤية السلوك أثناء العمل في إعدادات واقعية، ومع ذلك فإنه يجعل من الصعب على الباحثين التحكم في المتغيرات ويمكنهم إدخال متغيرات مربكة قد تؤثر على النتائج.
3- شبه التجارب
بينما تمثل التجارب المعملية والميدانية ما يعرف بالتجارب الحقيقية، لذلك يمكن للباحثين أيضًا استخدام النوع الثالث المعروف باسم شبه التجربة، وغالبًا ما يشار إليها على أنها تجارب طبيعية، لأن الباحثين ليس لديهم سيطرة حقيقية على المتغير المستقل، وبدلاً من ذلك يتم تحديد مستوى العلاج من خلال الظروف الطبيعية للموقف، كالباحث الذي يبحث في اختلافات الشخصية وترتيب الميلاد، وعلى سبيل المثال أيضًا لا يستطيع التعامل مع المتغير المستقل في الموقف، لذلك لا يمكن تعيين مستويات العلاج بشكل عشوائي لأن المشاركين يقعون بشكل طبيعي في مجموعات موجودة مسبقًا بناءً على ترتيب ميلادهم في أسرهم.
إذن فلماذا يختار الباحث استخدام شبه التجربة؟
هذا اختيار جيد في الحالات التي يكون فيها العلماء والمهتمين بدراسة الظواهر في البيئات الطبيعية الواقعية، كما إنه أيضًا اختيار جيد في الحالات التي لا يستطيع فيها الباحثون معالجة المتغير المستقل بالمعني الأخلاقي.
المصطلحات الأساسية لمعرفة وفهم كيفية عمل الطريقة التجريبية أو المنهج التجريبي في علم النفس
هناك بعض المصطلحات الأساسية التي يجب أن تفهمها أولًا، وهي:
1- المتغير المستقل :-
هو العلاج الذي يعالج به المجرب أو عالم النفس، الذي يفترض أن هذا المتغير يسبب نوعًا من التأثير على متغير آخر، فإذا كان الباحث يدرس كيف يؤثر النوم على درجات الاختبار، فإن مقدار النوم الذي يحصل عليه الفرد سيكون المتغير المستقل.
2- المتغير التابع :-
هو التأثير الذي يقيسه المجرب، ففي المثال السابق ستكون درجات الاختبار هي المتغير التابع.
3- التعاريف التشغيلية :-
هذه التعاريف ضرورية من أجل تنفيذ المتغيرين السابقين، فعندما نقول أن شيئًا ما متغيرًا مستقلًا أو متغيرًا تابعًا، فنحن نحتاج إلى تعريف واضح ومحدّد لمعنى هذا المتغير ونطاقه.
4- الفرضية :-
هي عبارة مؤقتة أو تخمينات حول العلاقة المحتملة بين اثنين أو أكثر من المتغيرات، ففي في مثالنا السابق قد يفترض الباحث أن الأشخاص الذين يحصلون على المزيد من النوم سيؤدون أداءً أفضل في اختبار الرياضيات في اليوم التالي، والغرض من التجربة هو إما دعم هذه الفرضية أو فشل دعمها.
العملية التجريبية
يستخدم علماء النفس مثلهم مثل العلماء الآخرين الطريقة العلمية عند إجراء التجربة، وهذه الطريقة العلمية هي مجموعة من الإجراءات والمبادئ التي توجه كيفية قيام العلماء بتطوير أسئلة البحث وجمع البيانات والتوصل إلى استنتاجات.
الخطوات الأربع الأساسية للعملية التجريبية هي:
1- تشكيل فرضية
2- تصميم دراسة وجمع البيانات
3- تحليل البيانات والوصول إلى الاستنتاجات
4- تقاسم النتائج
لذا فيُتوقع من معظم طلاب علم النفس استخدام الطريقة التجريبية المستخدمة في المنهج التجريبي في علم النفس في مرحلة ما، فإذا كنت تريد إلقاء نظرة فاحصة على العملية، فتأكد من مراجعة تفصيلية لكيفية إجراء تجربة نفسية للحصول على مزيد من المعلومات.
إجراء التجارب في المختبر:
في التجارب النفسية نحاول الحفاظ على جميع جوانب الموقف ثابتة باستثناء واحدة - تلك التي ننظر إليها-، فعلى سبيل المثال لنفترض أننا نريد التحقق من أي الطريقتين هي الأكثر نجاحًا في تعليم الأطفال القراءة، لذلك يُسمى الجانب الذي نغيره المتغير المستقل (IV) ونغيره بطريقة دقيقة جدًا، وفي هذا المثال طريقة التدريس هي المتغير المستقل، كما يمكننا أن نسمي العامل الذي نقيسه بعد ذلك، ففي مثالنا سيكون بعض المقاييس لقدرة قراءة الأطفال المتغير التابع (DV) ، لأنه إذا كانت أفكارنا صحيحة، فهذا يعتمد على المتغير المستقل، وفي مثالنا تعتمد قدرة قراءة الأطفال على طريقة التدريس المستخدمة.
المتغير الذي يتم معالجته بواسطة الباحث يسمى بالتالي المتغير المستقل والمتغير التابع هو التغيير في السلوك الذي يقيسه الباحث، كما يمكن تسمىة جميع المتغيرات الأخرى من قبل الباحثين أو علماء النفس التي قد تؤثر على النتائج، وبالتالي تعطينا مجموعة خاطئة من نتائج المتغيرات المربكة (التي يشار إليها أيضًا باسم المتغيرات العشوائية)، وقد تتضمن أمثلة المتغيرات المربكة في المثال المعطى ما يلي:
الاختلافات في التعليمات
وهي الاختلافات التي يقدمها المجرب أو في مواد التحفيز المستخدمة (والتي يمكن التغلب عليها من خلال توحيد التعليمات والمواد الخاصة بجميع المشاركين.
الاختلافات بين المشاركين
على سبيل المثال في عصرهم (والذي يمكن إزالته كمتغير باستخدام فئة عمرية واحدة، أو بدلاً من ذلك يمكن جعله أكثر ثباتًا عن طريق التأكد من أن البنية العمرية لكل مجموعة من المجموعات المشاركة في التجربة متشابهة للغاية.
فمن خلال تغيير متغير واحد (الرابع) أثناء قياس متغير آخر (DV) أثناء التحكم في جميع المتغيرات الأخرى قدر الإمكان، تتيح لنا الطريقة التجريبية باستخدام المنهج التجريبي في علم النفس استخلاص استنتاجات بمزيد من اليقين أكثر من أي طريقة غير تجريبية، فإذا كان الرابع هو الشيء الوحيد الذي تم تغييره، فيجب أن يكون مسؤولاً عن أي تغيير في المتغير التابع.
وربما تكون الطريقة الأكثر شيوعًا لتصميم تجربة في علم النفس هي تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، وهي المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة، ثم إدخال تغيير للمجموعة التجريبية وليس للمجموعة الضابطة.
لنفترض أننا نرغب في معرفة ما إذا كان الأشخاص يجلسون على طاولة مكتبة لفترة زمنية أقصر إذا جاء شخص ما وجلس على نفس الجدول عما إذا كانوا يظلون وحدهم، أولاً يجب أن نقيس متوسط مقدار الوقت الذي يجلس فيه الناس عندما يكونون وحدهم، فهذا هو شرط التحكم ويمنحنا خط أساس نحكم به على نتائجنا، ثم نرسل كونفدراليًا للجلوس على نفس الطاولة ونقيس متوسط الوقت الذي يجلس فيه الشخص هناك، وهذه هي الحالة التجريبية.
المجموعة الضابطة إذن هي مجموعة لا يغير فيها المجرب الرابع، لذا يجب مطابقة المجموعات التجريبية والضوابط على جميع الخصائص المهمة على سبيل المثال العمر والجنس والخبرة وما إلى ذلك.